أسعار البترول في الإمارات ترتفع للمرة الثانية في مارس 2024 |
أعلنت لجنة متابعة أسعار الوقود في الإمارات، في نهاية شهر فبراير 2024، عن رفع أسعار البنزين والديزل خلال شهر مارس 2024، بنسب تتراوح بين 5% و6%، وذلك للمرة الثانية على التوالي. وجاء هذا القرار في ظل استقرار أسعار النفط العالمية عند مستويات مرتفعة، نتيجة لتوازن العرض والطلب، والتزام الدول المنتجة بخفض الإنتاج، وتحسن آفاق الطلب مع تقدم حملات التطعيم ضد فيروس كورونا. وفي هذا المقال البعيادي، سنتناول أبرز الأسباب والآثار المترتبة على ارتفاع أسعار الوقود في الإمارات، وكيف يمكن للمستهلكين والمستثمرين التكيف مع هذا التغيير.
أسعار الوقود في الإمارات لشهر مارس 2024
وفقًا لبيان اللجنة المعنية، فإن أسعار الوقود في الإمارات لشهر مارس 2024، شاملة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، جاءت على النحو التالي:
نوع الوقود | سعر اللتر بالدرهم | الزيادة عن الشهر السابق بالفلس |
---|---|---|
بنزين ممتاز 98 | 3.03 | 15 |
بنزين خصوصي 95 | 2.92 | 16 |
بنزين إي-بلس 91 | 2.85 | 16 |
ديزل | 3.16 | 17 |
ويذكر أن هذه الأسعار تطبق اعتبارًا من الجمعة الأولى من شهر مارس 2024، وتستمر حتى نهاية الشهر، وذلك بعد أن تم تحرير أسعار الوقود في الإمارات منذ أغسطس 2015، وفقًا لآلية تعتمد على متوسط أسعار النفط العالمية وتكاليف التشغيل والتوزيع والربحية لشركات التوزيع المحلية.
أسباب ارتفاع أسعار الوقود في الإمارات
يعتبر النفط الخام المادة الأساسية لإنتاج الوقود، وبالتالي فإن أي تغيير في أسعاره ينعكس على أسعار الوقود المحلية. وفي الفترة الأخيرة، شهدت أسعار النفط العالمية استقرارًا نسبيًا عند مستويات مرتفعة، حيث تجاوز سعر خام برنت حاجز الـ 60 دولارًا للبرميل، وسعر خام غرب تكساس الوسيط حاجز الـ 55 دولارًا للبرميل.
ويعود هذا الارتفاع في أسعار النفط إلى عدة عوامل، منها:
- التزام الدول المنتجة، خاصة السعودية وروسيا، بخفض الإنتاج النفطي، في إطار اتفاق أوبك+، الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمية، ودعم الأسعار والاستثمارات في قطاع الطاقة.
- تحسن آفاق الطلب على النفط، مع تقدم حملات التطعيم ضد فيروس كورونا في عدة دول، وتخفيف القيود الصحية والحركية، وتعافي النشاط الاقتصادي والصناعي في الصين والهند وغيرها من الدول النامية والمستهلكة للنفط.
- تراجع مخزونات النفط الخام والمنتجات النفطية في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، وذلك بفعل الطقس البارد الذي أثر على الإنتاج والتكرير والنقل في ولايات تكساس وأوكلاهوما وغيرها.
- تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، بسبب الهجمات المتكررة التي يشنها الحوثيون في اليمن على المنشآت النفطية والحركة البحرية في السعودية، والتي تهدد أمن إمدادات النفط من المنطقة.
آثار ارتفاع أسعار الوقود في الإمارات
يمثل ارتفاع أسعار الوقود في الإمارات تحديًا وفرصة في آن واحد، لكل من المستهلكين والمستثمرين والقطاعات الاقتصادية المختلفة. وفيما يلي بعض الآثار المحتملة لهذا التغيير:
- على مستوى المستهلكين، فإن ارتفاع أسعار الوقود يؤثر على ميزانية الأسر والأفراد، خاصة الذين يستخدمون السيارات بشكل يومي، ويزيد من تكاليف النقل والتنقل. ولذلك، فإن بعض المستهلكين قد يلجأون إلى تغيير عاداتهم وسلوكياتهم، مثل الاستفادة من وسائل النقل العام أو النقل المشترك أو النقل الذكي، أو تقليل استهلاكهم للوقود بواسطة الصيانة الدورية للسيارات أو استخدام الوقود الحيوي أو الكهربائي.
- على مستوى المستثمرين، فإن ارتفاع أسعار الوقود يفتح أمامهم فرصًا جديدة للاستثمار في قطاعات مرتبطة بالطاقة والبيئة، مثل الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة والطاقة الذكية والطاقة الخضراء، والتي تعد من أولويات الإمارات في إطار رؤيتها 2021 وخطتها الوطنية للتغير المناخي. كما يمكن للمستثمرين الاستفادة من الحوافز والمبادرات التي تقدمها الحكومة لتشجيع هذه القطاعات، مثل تخفيض الضرائب والرسوم والتكاليف والمخاطر والقيود الإدارية والتنظيمية.
- على مستوى القطاعات الاقتصادية، فإن ارتفاع أسعار الوقود يحمل تأثيرات متباينة، حسب نوع القطاع وحجمه وموقعه وتوجهه. فبعض القطاعات قد تستفيد من هذا الارتفاع، مثل قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات والكهرباء والمياه والنقل البحري والجوي والسككي، والتي تعتمد على الوقود كمصدر رئيسي للدخل أو الطاقة. وبعض القطاعات قد تتضرر من هذا الارتفاع، مثل قطاع النقل البري والسياحة والتجارة والصناعة والزراعة والخدمات، والتي تعتمد على الوقود كمصدر رئيسي للتكلفة أو الإنتاج. ولذلك، فإن هذه القطاعات قد تحتاج إلى اتخاذ إجراءات تكيفية وتحولية، مثل تحسين كفاءة الطاقة وتقليل الانبعاثات وتنويع مصادر الطاقة والوقود والتحول إلى الاقتصاد الأخضر والدائري.
من خلال ما سبق، يمكننا القول إن أسعار الوقود في الإمارات في مارس 2024 تعكس التغيرات الحاصلة في سوق النفط العالمية، وتتأثر بعدة عوامل داخلية وخارجية. ويمثل هذا الارتفاع تحديًا وفرصة في آن واحد، لكل من المستهلكين والمستثمرين والقطاعات الاقتصادية المختلفة، ويتطلب منهم التكيف والتحول والابتكار، لمواجهة هذا التغيير والاستفادة منه. ويمكن للإمارات، بفضل رؤيتها الاستراتيجية وخططها الوطنية ومبادراتها الرائدة، أن تكون نموذجًا يحتذى به في مجال الطاقة والبيئة والتنمية المستدامة.